الأحد، 26 يناير 2014

النَّشْأَةَ الأولى


نوري الوائلي

النَّشْأَةَ الأولى

دلائلُ العجز تجْرِي في مَجارينا -- ونازَعُ الروح يَصْحُو في أمانِينا

وصُحْبةُ الموتِ أقْدارٌ مَقْدَرَةٌ -- مثل الحَبِيب لنا في الحِضْنِ تطوينا

قبل الولادةِ تنمو في جَوارِحنا -- حتى تُقيم لنا قبراً ليَأْوِينا

الموتُ للنفس تِرْياقٌ إذا يَئِسَتْ -- غاب الرَّجَاءُ بها روحاً وتحصينا

الموتُ للنفس تِرْياقٌ إذا صَلُحتْ – للحَقِّ تَبْغِي الرَّدى شوقاً وآمينا

الموتُ للنفس تِرْياقٌ إذا فَسَدَتْ -- أَذاقَت النّاسَ من أَهْواءها الشَيْنا

مثلُ الذِّئابِ إذا جاءت نَوائبُنا --- تأْتي قَطِيعاً جِياعاً في مراعينا

كم فيك من وَجَع لا عَيْن تغسله --- أو يصبح الصَّبْر للآلام أَفْيُونا

أنت امْتِحان وفعل العبد أَجْوِبَةٌ --- صَعْباً فصَعْباً إذا يَرْقى بها الدينا

الدهرُ يجري بنا عُسْراً و مَيْسَرَةً --- مثلُ التُّمور تُحاكي اليبسَ والينا

النّاس في خَطَرٍ والهَمُّ يشغلهم -- حتى طوتهم جياعُ الموت فانينا

العَيْشُ كلعَيْرِ والآمالُ تركبه – مثل العِضَامِ هَداها اللَّحْمُ تَمْكينا

لا تعرف العبدَ إلاّ في مَصائِبه -- أو حين يزدادُ في الدُّنْيا مواعينا

أو حين يعلو الى التيجان مفتخِراً -- أو حين طارت به الدُّنْيا عناوينا

إمّا شكوراً صبوراً راضياً وسعاً -- إمّا جَزُوعاً بخيلاً لم ير الطِّينا

صَغائِرُ الكَرْب عند البعض مَهْلِكة -- والبعضُ يغدو بفمّ الموت راضينا

من يأْمَن السُقْم تاج الخير يملكه – حتى وإنْ عاش طول الدَّهَرِ مَدْيونا

من يأْمَن الناس لم يعرف مَصائِبَها – ونام في الدَّهَرِ رغم العُسْرِ مأمونا

تَحْوِي العَجائِب آلاماً مكرّرة --- تَطْوِي الخلائقَ تلويعاً وتلوينا

ما حال طير عَلاهُ الصُّقْرُ مُفْتَرِساً --- أوحال طفْل سقاه الضُّرُّ طاعونا

الذهنُ يعجزُ عن إدراك حكمته --- فالذهنُ يبقى لفهم الخَلْق موهونا

إذ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الاولى برحمته --- يَهْدِي الخلائقَ أنْ تجْري موازينا

ما زادَ في الرِّزْقِ سَعْيٌ في مقاصدنا --- أو قَلَّ في الرِّزْقِ جَدْبٌ في بوادِينا

إلاّ بما شاء رزَّاقٌ ومقتدرٌ -- يَجْرِي لنا الرِّزْقَ موصولاً ومأمونا

ما أضيق العيش والأَوْجاعُ نافذة -- تُبْكي الصخورَ علينا حين تكوينا

ما أَوْجَع الغدر في الدنيا بما وَسِعَت -- حتى وإنْ صُغْتُ للناس الأَفانِينا

كم عِشْتُ جهداً مع الآمال تؤْزِرُنا--- عند الحصادِ فشلنا في مَساعِينا

الحمد لله ما كانت مَشاعِرُنا--- إلاّ سجوداً وأنْ طال البِلى فينا






via منتديات مجلة أنهار الأدبية http://ift.tt/1mLC24f

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق