الاثنين، 3 فبراير 2014

الانسان . . . السندباد





سافر بين موانئ متعددة متقلبة بين الإيمان والجحود ، بين الرضى والسخط ، بين أحوال الصحة والسلامة ، وبين الفقر والغنى ، كان مرتحلا بين موانئ الصلب والترائب ، والظلمات الثلاث منذ انسان الأول الذي أبدعه الخالق المبدع من وحل الطين .

لم يكن يدري ترحاله وسفرياته هذه ، وتلك ، لكنه كان يتشوف كيف خلق الخالق المبدع الآدم الأول وزوجه ؛ فيشعر أنه كان مثل ذالك السندباد ، بل أسفر منه ، وأكثر ترحالا ، حين كان يقرأ حكايات السندباد وسفرياته بحرا بين الموانئ ، والقرى ، بل والكهوف والغابات وأدواحها ، والبيوت والمدن برا .

كانت أولى بداياته في السفر ذاك الذي بين الصلب والترائب ، قبل أن يسافر بين كهوف ومغارات الظلمات الثلاث ؛ وكانت أولى تلك الأسفار أسفارا مع الزمر ، وليس متفردا معزولا ، لكن جمعه ذاك كان كل فرد في جماعاته يتوق إلى ان يستقر في آخر ميناء من الموانئ الثلاث بين تلك الجواء الثلاث ؛ وكما كان آمنا مأمونا على نفسه بين الصلب والترائب ؛ هاهو مأمونا آمنايتدرأ من غوالي الأحوال الموهلة بدفء الكهوف الثلاث في قعرها مستقرا آمنا يأتيه عيشه رغدا دون تكلف أو عناء ، ودون سعي وجد .

لذالك حين اذنت ظلمات الليا ــ بما قدر لها ــ أن تنقشع عن إسفار وزوال العتمة ــ عتمة تلك ــ التي هي عتمات الصلب والترائب ، والظلمات الثلاث ؛ راى ضياء الصبح وإسفاره ، أطلق صرخته لأول مرة ، معلنا ومستنجدا :

ــ معلنا عن الحلول وتحمل عبء ما قدر له .

ـــ مستنجدا يطالب الصون والحماية .

وفي هاتين الحالين ، ومن نبرة هذه الصرخة يثبت إمارة الوجود والتواجد ، واندهاشه الكبير من وعن زوال تلك النعم التي اُنعِمها خلال أسفاره الثلاث السابقة ؛ والمغرقة في طروس رزنامته منذ النشأة الأولى حين تم الخلق الأول بإبداع وإتقان للقيام بوظيفة هو مكلف بها قبل التكوين الأول ــأي قبل التكوين الطيني ــ في علم الخالق الباري " إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة . . . الآية ".

صرخة الإعلان عن الحلول والاستنجاد ، لم تأتيا لتكونا عبثا ، بل لغاية كان هو مؤهلا لها .

هذا الانسان إذأً ؛ كان وسيزال السندباد الذي يسافر دوما بين الموانئ إلى ان يصل إلى ميناء المستقر النهائي والأخير ؛ حينها يومئذ سيجد أن رحلته تلك ذات غنيمة زفائزة ، أو خسارة وأية خسارة وسوء عاقبة .

يومئذ سيعود هذا السندباد الانسان إلى الحياة التي عاشها قبل أن يثأم بما كسبت نفسه حين حايث امر الخالق تعالى ، والذي تاب عليه ؛ ليجتاز هذا البلاء الدنيوي بما اكتسب من خير أو شر ، من إيمان أو كفر ، من طاعة أو جحود . أخيرا : نسأل الخالق الباري المبدع ، أن تكون رحلتنا السندبادية ذات مغنم ومكسب مطمئن



11 / 01 / 2014





via منتديات مجلة أنهار الأدبية http://ift.tt/1k37Ww3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق