مع أن آبل عادة لا تفصح عن صفقات الاستحواذ التي تقوم بها، لكنها بالفعل تشتري الكثير من الشركات الصغيرة، ففي العام الماضي وحتى الآن اشترت 27 شركة متنوعة .. لكن مع صفقة بيتس كان الأمر مختلف و أعلنت عنها رسمياً.
اشترت آبل شركات بيتس الشهيرة بتقنيات الصوت و سماعات الرأس عالية الجودة والعلامة التجارية الشهيرة التي ميزتها عن مختلف شركات صناعة السماعات التي عادة ما تتجه للمستخدمين المحترفين الذين تهمهم الجودة لا الاسم والمظهر.
كان كل من المؤلف والمنتج الموسيقي جيمي لوفين و مغني الراب المعروف بلقلب dr.Dre قد أسسوا شركة بيتس في عام 2008، وتنشط الشركة في قطاع الموسيقى الرقمية والذي تصل عائداته الإجمالية 15 مليار دولار تتقاسمها كل الشركات.
على كل حال فإن المبلغ الذي دفعته آبل كان كبيراً قياساً بقيمة الشركة، فهي دفعت 3 مليار دولار وقيمة بيتس كانت بحدود مليار دولار العام الماضي بعد أن باعت HTC حصتها في الشركة والتي كانت تملك ربعها بمبلغ 265 مليون دولار.
لكن ماذا تريد آبل من بيتس؟ المؤكد أنه متعلق بالموسيقى كما قال تيم كوك، لكن كيف بالضبط؟ بيتس لديها عدة قطاعات تعمل فيها حول الموسيقى كسماعات الرأس والسماعات العادية و خدمة البث المدفوعة وغيرها من تقنيات.
خدمة بيتس الموسيقية لا تملك الكثير من المستخدمين، حوالي ربع مليون مستخدم وهو رقم لا يمثل شيء أمام عدد مستخدمي Spotify الذي يصل إلى 40 مليون مستخدم منهم 10 مليون مستخدم باشتراك مدفوع.
لكن آبل لا تبحث عن قاعدة المستخدمين الحاليين، وقالها كوك صراحة أن بيتس كانت أول شركة قدمت خدمة بث موسيقي مدفوعة بشكل صحيح، وبالنظر للنمو السريع في هذا السوق والتحول من مرحلة شراء و تحميل الموسيقى على الأجهزة وتشغيلها لاحقاً إلى مرحلة استمع على كل ما تريده وادفع مبلغ ثابت شهرياً.
بالطبع بإمكان آبل أن تطلق خدمة مشابهة لكن خدمة بيتس ستوفر عليها الوقت وهناك فريق العمل الذي يهوى الموسيقى بطبعه وهذا شيء أساسي في فلسفة العمل لدى آبل، فهي لاتريد موظفين بل تريد من يتشرب ما يعمله في روحه، فالمصمم مثلاً يعيش التصميم لا يتعلم الأدوات والفن فقط.
وهنا ننظر إلى قدرات آبل التسويقية و علاقات بيتس مع الفنانين وشركات الإنتاج لاسيما Dr.dre نفسه الذي انضم لآبل بموجب الصفقة، هذا كله يمكنه تحويل خدمة بيتس الموسيقية لتنافس الكبار.
ويمكن لآبل أن تطور خدمتها آيتونز راديو بالاستفادة من بيتس، وهنا يصبح لدى الشركة منتجين منافسين في يدها لاسيما مع الانخفاض التدريجي والمتسارع في معدلات تحميل الموسيقى الرقمية.
وبعد الاستحواذ بقليل أعلنت بيتس عن خفض رسوم الاشتراك السنوية، قد يكون هذا غريباً إن نظرنا بسطحية لكن آبل لاتبحث عن الربح من الخدمة حالياً، الشركة لديها مئات مليارات الدولارات كأموال يمكنها الإنفاق والإستثمار على الشركة لتصبح منافس قوي لاسيما أن المجال لم تدخله الشركات الكبرى بعد حتى مع وجود قوقل بخدمتها عبر قوقل بلاي.
ومن ناحية اخرى فإن أكثر ما اشتهرت به بيتس سماعاتها المميزة بتصميمها و حرف b بلونه الأحمر الواضح و ألوانها الزاهية التي تعطيها جمالية تميزها عن كل السماعات الأخرى بلونها الأسود التقليدي.
صناعة السماعات عالية الجودة والسعر تبلغ حالياً مليار دولار، و تبين آبل سابقاً سماعات بيتس في متاجرها وهذه السماعات لديها هامش ربح عالي مقارنة بتكلفتها المنخفضة و أسعارها العالية، وهنا يمكن لآبل أن تحتفظ بكامل الأرباح لها بدلاً من عمولات تسويقها عبر متاجرها.
وبالغوص أكثر في الصوت، تحديداً التقنيات التي طورتها بيتس لإعطاء جودة صوت جيدة جداً، يمكن أن تستخدم آبل خبرة بيتس وخوارزمياتها وتقنياتها في هذا المجال لتحسين جودة صوت أجهزتها المختلفة بدءاً من الآيفون، كما تعاونت بيتس مع HTC سابقاً، و حتى الآيباد و الماك و أيضاً لسماعات الآيفون .. هذا الأمر مستبعد في المدى القريب وإن فعلتها آبل فلا اتوقع أن تضع العلامة التجارية لبيتس على أجهزتها كما كان في HTC لكن بنفس الوقت تعلمنا أنها استخدمت تقنية بيتس في أجهزتها.
كما يمكنك أن تميز الماك بوك عن أي لابتوب آخر، وكذلك الآيباد عن أي لوحي آخر، يمكنك أيضاً تمييز سماعات بيتس عن أية سماعة اخرى، هذا التفرد شيء من روح آبل .. وكما يقال في الإنكليزية Cool، حيث أن العلامة التجارية لآبل و التطورات والمنتجات التي أطلقتها في السنتين الماضيتين أعطتنا صورة أن الشركة بدأت تفتقر للتفرد، لهذا فإن جرعة التميز التي ستحصل عليها من بيتس ستعوض هذا النقصان ولتعيد تأكيد صورتها في أذهان الناس، أنها شركة آبل التي تنبض بالحياة بتصاميم و ألوان و جودة منتجاتها.
أخيراً لأن سماعات بيتس أجهزة قابلة للارتداء، وهناك اتجاه واضح للشركات بأن هذا النمط من الأجهزة سيكون المستقبل القادم، فمن المفيد أن تبدأ آبل منذ الآن بالتفكير فيه. نعم هناك ساعات ذكية اليوم في الأسواق وهناك نظارة قوقل الذكية لكن آبل ليس من عادتها أن تكون الأسرع في السوق، بل الأفضل والذي يقدم تجربة مستخدم مميزة بطريقة خاصة.
فلو كان اختصاص بيتس سماعات رأس، يمكن تطويرها بشكل أكثر ذكاءاً وربطها مع الآيفون مستقبلاً، أو حتى السماعات الأخرى التي يمكن ربطها مع الإنترنت لتعمل مباشرة ببث الموسيقى بدون الحاجة للهاتف، هذا مستقبل بعيد و في يد آبل الإمكانيات لدخوله أيضاً.
واختم باقتباس من حديث تيم كوك حول الصفقة:
“لأننا دائماً نركز على المستقبل، لذا هذه الصفقة ليست حول ما تقوم به آبل و بيتس اليوم، بل ما نعتقد أن اجتماعهما معاً سينتج عنه في المستقبل”.
هذه التدوينة هذا ما يمكن أن تفعله آبل ببيتس ظهرت في البداية في موقع عالم التقنية.
via عالم التقنية http://ift.tt/1se1HHr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق