وسقطت أزهار التفاح
يتذكر أنه ترعرع وإياها ما بين مسالك البستان منذ كانا يتعلمان المشي بين الورود ، كان كلاهما يرى ،الأخر زهرة تنمو شيئا فشيئا ، كان يراها تشد يد أمها ، وهي تسحبها بخطى مسرعة نحو باب الحضانة ، وكيف كانت تخطو، وكأنها مُهرةً صغيرةً تَجْتَحُ خلف ظل أمها ، كان يبتسم في جِوانهِ لهذا المنظر العجيب ، كما كان يعتقد وقتئذ .
أمَا هي فكانت تراه يسير ببطءٍ نحو شجرة التفاح التي في ساحة المدرسة ، يقف ، يلتفتُ يمنة ويسرة وكأنه يبحث عن شيئ يفتقده ، وحتى إذا ما التفتْ ، لمحتْهُ يُخفي ظله الصغير بظل شجرة التفاح ، فكانت تبتسم ابتسامتها الصغيرة ، وكأتها تبتسم لثمرة تلك الشجرة ، وتتمنى لو أنها استطاعت أن تلمسها بشفتيها الصغيرتين ، وكانت هذا ما تُسِرُّ في نفسها .
ـ كيف لي ذالك ؟ ، وهل أنا في حلم ، أم يقِظَة ؟ ؛ وهل شجرة هذه الساحة مُباحة لمثلها ، ولو بدفء ظلٍ عابرٍ ، تناسلتْ حيرتها كثيرا ، كما كانت ترى في اضطراب الموج عند الشاطئ القريب من قريتهما حاولتْ أن تقتربَ من شجرة التفاح ، لكن شيئاً ما كان يُرْدِعُها ، يُحاول أن يُقصيها عن ذالك الدفء ، فهي لم تر صبيةً تتفيأ بمثل ذالك الدفء قط ، لذالك كانت ترسم على صفحات كرّاستها . . . شجرة التفاح مورقةً مثل الأيكة ، وتحت حضنها الوارف ، خيال ظلٍ اطفل وطفلة ، يستظلان من بصْبَصَةِ شمس الضحى ، وتضع لها ألوانا من أقلامه التي احتفظتْ بها لما تحايلتْ عليه كي يُعيرها إياها ؛ ثم تلصقُ رسمها على جدران غرفةِ نومها ، حتى تحول إلى معرضٍ صغير ، لا تسمح لغيرها بزيارتِهِ ، خاصةً رسماً مميزاً ، كانت تقف عنده كثيرا ؛ وكل الظل لهما ، لم تسمح لغيره أن يشاركها الظلَّ بعدهُ .
حين غادرتْ أسرتَهُ القرية الصغيرة ، افتقَدَ ظلُّ شجرةِ التفاح ظلَّهُ ، أُصيبَتْ هي بنوبةٍ ألزمتْها السرير أياماً ، وحين عادتْ إلى ساحة المدرسة اقتربتْ لأول مرة إلى شجرة التفاح تحسَسَتْها برفقٍ و هي تضع كفها الصغير فوق مكان فؤادها الصغير ، لاحظتْ أنه ما زال ينبض لكن بنبض أسرعَ من الذي اعتادته ، يوم كان يختبئ خلف شجرة التفاح كي يتبصبص نحوها ، ثم شافَتْ أَفْرُعَ الشجرة ، فإذا هي عاريةً من أزهارها إلا زهرةً هنا أو هناك ؛ فابتسمتْ ، وهمستْ همساً سرّياً ، يسمعه نبض فؤادها الصغير .
ــ لابد أن يعود ظل شجرة التفاح هذه يوماً ، لابد أن يعود بالتأكيد ، وانصرفتْ بخطى متعثرةً حالمةً بعودة دفء الظل قبل أن تشيخ الشجرةُ ، أو تُحْتَطبْ ، فتتحوَّل إلى رمادٍ تَذْروهُ الرياح .
تطــوان 24 / 10 / 2013
يتذكر أنه ترعرع وإياها ما بين مسالك البستان منذ كانا يتعلمان المشي بين الورود ، كان كلاهما يرى ،الأخر زهرة تنمو شيئا فشيئا ، كان يراها تشد يد أمها ، وهي تسحبها بخطى مسرعة نحو باب الحضانة ، وكيف كانت تخطو، وكأنها مُهرةً صغيرةً تَجْتَحُ خلف ظل أمها ، كان يبتسم في جِوانهِ لهذا المنظر العجيب ، كما كان يعتقد وقتئذ .
أمَا هي فكانت تراه يسير ببطءٍ نحو شجرة التفاح التي في ساحة المدرسة ، يقف ، يلتفتُ يمنة ويسرة وكأنه يبحث عن شيئ يفتقده ، وحتى إذا ما التفتْ ، لمحتْهُ يُخفي ظله الصغير بظل شجرة التفاح ، فكانت تبتسم ابتسامتها الصغيرة ، وكأتها تبتسم لثمرة تلك الشجرة ، وتتمنى لو أنها استطاعت أن تلمسها بشفتيها الصغيرتين ، وكانت هذا ما تُسِرُّ في نفسها .
ـ كيف لي ذالك ؟ ، وهل أنا في حلم ، أم يقِظَة ؟ ؛ وهل شجرة هذه الساحة مُباحة لمثلها ، ولو بدفء ظلٍ عابرٍ ، تناسلتْ حيرتها كثيرا ، كما كانت ترى في اضطراب الموج عند الشاطئ القريب من قريتهما حاولتْ أن تقتربَ من شجرة التفاح ، لكن شيئاً ما كان يُرْدِعُها ، يُحاول أن يُقصيها عن ذالك الدفء ، فهي لم تر صبيةً تتفيأ بمثل ذالك الدفء قط ، لذالك كانت ترسم على صفحات كرّاستها . . . شجرة التفاح مورقةً مثل الأيكة ، وتحت حضنها الوارف ، خيال ظلٍ اطفل وطفلة ، يستظلان من بصْبَصَةِ شمس الضحى ، وتضع لها ألوانا من أقلامه التي احتفظتْ بها لما تحايلتْ عليه كي يُعيرها إياها ؛ ثم تلصقُ رسمها على جدران غرفةِ نومها ، حتى تحول إلى معرضٍ صغير ، لا تسمح لغيرها بزيارتِهِ ، خاصةً رسماً مميزاً ، كانت تقف عنده كثيرا ؛ وكل الظل لهما ، لم تسمح لغيره أن يشاركها الظلَّ بعدهُ .
حين غادرتْ أسرتَهُ القرية الصغيرة ، افتقَدَ ظلُّ شجرةِ التفاح ظلَّهُ ، أُصيبَتْ هي بنوبةٍ ألزمتْها السرير أياماً ، وحين عادتْ إلى ساحة المدرسة اقتربتْ لأول مرة إلى شجرة التفاح تحسَسَتْها برفقٍ و هي تضع كفها الصغير فوق مكان فؤادها الصغير ، لاحظتْ أنه ما زال ينبض لكن بنبض أسرعَ من الذي اعتادته ، يوم كان يختبئ خلف شجرة التفاح كي يتبصبص نحوها ، ثم شافَتْ أَفْرُعَ الشجرة ، فإذا هي عاريةً من أزهارها إلا زهرةً هنا أو هناك ؛ فابتسمتْ ، وهمستْ همساً سرّياً ، يسمعه نبض فؤادها الصغير .
ــ لابد أن يعود ظل شجرة التفاح هذه يوماً ، لابد أن يعود بالتأكيد ، وانصرفتْ بخطى متعثرةً حالمةً بعودة دفء الظل قبل أن تشيخ الشجرةُ ، أو تُحْتَطبْ ، فتتحوَّل إلى رمادٍ تَذْروهُ الرياح .
تطــوان 24 / 10 / 2013
via منتديات مجلة أنهار الأدبية http://www.anhaar.com/vb/showthread.php?t=35011&goto=newpost
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق